التوثيق في النظام السعودي
بقلم: الموثق والمحامي/ عبدالعزيز بن عزت حلواني
يحتاج الناس إلى توثيق التعاملات فيما بينهم كتوثيق العقود والإقرارات والديون والمبايعات العقارية وعقود الشراكات وغير ذلك، وفي سبيل ذلك فإنهم يلجؤون إلى كتابة الأوراق العرفية والتوقيع عليها أو الإشهاد عليها فيما بينهم، إلا إن النظام قد أتاح للعموم القيام بتوثيق التعاملات فيما بينهم بطرق رسمية تكون أدعى وأوثق في حفظ الحقوق فيما بينهم، وذلك باللجوء إلى موثق مرخص له بمزاولة أعمال التوثيق من قبل وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية.
وقد صدر نظام التوثيق بالمرسوم الملكي رقم: م/164 وتاريخ 19/11/1441ه وصدرت لائحته التنفيذية بالقرار رقم 1948 وتاريخ 1/6/1442ه، وقد تضمن النظام ولائحته بيان إجراءات التوثيق والأشخاص المرخص لهم بالقيام بأعمال التوثيق، وما هي شروط تعيينهم والتصريح لهم، وماهي حدود اختصاصاتهم، وما يتعلق بواجباتهم وما هو محظور عليهم وما يترتب عليها من عقوبات، وبيان حجية ما يصدرونه من وثائق وإجراءات.
فالتوثيق هو: (مجموعة الإجراءات التي تكفل إثبات الحق على وجه يصح الاحتجاج به).
والموثق هو: (شخص مستقل يقوم بأعمال التوثيق بموجب رخصة صادرة من وزير العدل، ومرخص له بالعمل من أي مكان وفي أي زمان في حدود اختصاصه، مقابل تحصيل رسوم عن أعمال التوثيق التي يقوم بها)، وأما كاتب العدل فهو: (موظف حكومي يعمل لدى كتابات العدل التابعة لوزارة العدل وملتزم بالعمل بفترات الدوام الرسمي من مقر عمله).
وفي السابق كانت أعمال التوثيق هي من مهام كتاب العدل وقضاة المحاكم في الدوائر الإنهائية، ثم صدرت عدة تنظيمات متتابعة إلى أن انتهى الحال بصدور نظام التوثيق ولائحته التنفيذية؛ والتصريح للموثقين بمزاولة أعمال التوثيق؛ وإتاحة بعض اختصاصات كتاب العدل للموثقين، ومن أبرزها إصدار الوكالات؛ حيث كان يتم عن طريق كتاب العدل، أما الان فهو يتم الكترونياً بصورة محدودة؛ ويتم كذلك عن طريق الموثقين بصورة أوسع؛ وسيتم إيضاح ذلك بشكل أوسع في هذا المقال.
وقد نصت المادة 15 من نظام التوثيق على أنه يعهد إلى الموثق القيام بإجراءات توثيق ما يلي:
- إفراغ صكوك الملكية العقارية.
- الوكالات وفسخها.
- الرهن وفكه وتعديله.
- عقود تأسيس الشركات، وملاحق التعديل، وقرارات ذوي الصلاحيات فيها.
- محاضر الجمعيات العمومية للشركات.
- التصرفات والعقود الواقعة على العلامات التجارية، وبراءات الاختراع، وحقوق المؤلف.
- العقود الواقعة على المال المنقول.
- إقرار الكفالة الحضورية والغرمية.
- الإقرار بالمبالغ المالية، وتسلمها.
- الإقرار بالمنقولات، وتسلمها والتنازل عنها.
كما تضمنت المادة أنه يجوز بقرار من مجلس الوزراء إسناد بعض مهام كاتب العدل إلى الموثق، وقد راعت وزارة العدل التدرج في نقل الصلاحيات إلى قطاع التوثيق ففي الوقت الحالي فإن الصلاحيات والخدمات التي يقدمها الموثق مقتصرة على ما ورد في الفقرات رقم: (1 و2 و3 و9) أعلاه.
وحالياً فإن كتابات العدل لا تستقبل المراجعين وإنما يتم تقديم الطلبات والنظر فيها الكترونياً لدى كتابة العدل الافتراضية، ويتم تقديم الطلب من المستفيد ويحال لقسم التدقيق وإذا وجد به نواقص أو أخطاء فإنه يتم رفض الطلب ويلزم المستفيد تقديم طلب جديد إلى أن يتم قبول الطلب وإحالته إلى كاتب العدل المختص، ثم يتم تحديد موعد جلسة مرئية بحضور الأطراف المعنيين في الطلب وبعد التحقق مما يلزم يتم إجراء وتنفيذ الطلب، وبهذا قد يستغرق إنجاز الطلب عدة أيام، في حين أن الطلبات التي تقدم للموثقين لا تستغرق أكثر من نصف ساعة في أغلب الأحيان.
وهنا يبرز سؤال عن الفرق بين إصدار الوكالات الكترونياً وإصدارها عبر الموثقين؟ وجوابا عليه نقول:
إن إصدار الوكالات الكترونياً هي خدمة محدودة جداً، حيث إن مدة الوكالات فيها لا تتجاوز سنة واحدة، بينما الوكالة التي يصدرها الموثق تصل مدتها إلى خمس سنوات.
كما أن الموكل في الوكالات الالكترونية لا بد أن يكون موكلاً فيها بصفته الشخصية أو بصفته وكيلاً بموجب وكالة، بينما الموثق بإمكانه إصدار وكالة للموكل بعدة صفات غيرها مثل: (صاحب مؤسسة، ممثل شركة، صاحب مكتب، مصفي شركة، حارس قضائي، ولي على قاصر، ناظر وقف).
كما أن الوكيل في الوكالات الالكترونية إما أن يكون شخصاً سعودياً أو مكتب استقدام فقط؛ بينما الموثق بإمكانه إصدار وكالة تتضمن توكيل الخليجي بهويته الخليجية أو توكيل الأجنبي بالإقامة أو جواز السفر.
وليس من اختصاص الموثق توثيق عقود الزواج لكون ذلك من اختصاص المأذون الشرعي، فهو من يقوم بتوثيق عقود النكاح بموجب رخصة صادرة من إدارة المأذونين بوزارة العدل، أما إذا كان أحد طرفي العقد سعودي والآخر غير سعودي فإن توثيق العقد يكون من اختصاص كاتب العدل.
وجميع ما يقوم الموثقون بتوثيقه وإصداره وفق نظام التوثيق له حجية رسمية ويعتبر سنداً تنفيذياً لا يقبل الطعن عليه إلا بالتزوير فقد جاءت المادة 41 من نظام التوثيق بما نصه: (الوثائق الصادرة وفق أحكام النظام لها قوة الإثبات، وتعد سنداً تنفيذيًا فيما تضمنته من التزام، ويجب العمل بمضمونها أمام المحاكم بلا بينة إضافية ولا يجوز الطعن فيها. ولا تلغى الوثائق الصادرة وفق النظام إلا بحكم قضائي تأسيساً على مخالفتها لمقتضى الأصول الشرعية أو النظامية، أو تزويرها، وذلك بعد مرافعة مستكملة إجراءاتها الشرعية والنظامية.)، كما أنها تعد محرراً رسمياً وفق ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 25 من نظام الإثبات ونصها: (1. المحرَّر الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، طبقاً للأوضاع النظامية، وفي حدود سلطته واختصاصه.)
ولخدمة عملائنا فإن مجموعة د. سليمان الخميس محامون ومستشارون تضم نخبة من الموثقين المرخصين بمزاولة أعمال التوثيق، ويمكنكم التواصل معنا لطلب أيٍ من خدمات التوثيق أو الاستفسارات بشأن ذلك.