Skip to main content

عضوية المرأة في مجلس الشورى

لا يزال النقاش محتدماً حول عضوية المرأة في مجلس الشورى! وهل هو من السائغ شرعاً أو من الممنوع؟

ورغم صدور الأمر الملكي بعضوية المرأة في مجلس الشورى إلا أن ذلك لا يلغي النقاش العلمي والبحثي الذي مازال محتدماً, ذلك أن اختيار الإمام لقول من الأقوال لا يلغي الخلاف في المسألة؛ وإن كان الخلاف ضعيفاً. فكيف والقول المختار يكاد أن يكون شاذاً كما سوف يأتي .

وقبل أن نشرع في ذكر هذه المسألة يحسن الحديث عن حقيقة منصب ” عضو مجلس الشورى ” , وهل هو من الولاية العامة للمسلمين أو ليس منها ؟ والمراد بالولاية العامة الخلافة وما تفرع منها؟

حيث إن معنى ما تفرع من الولاية العامة هو : ما أناب فيه من له الولاية العامة غيره بحكم ولايته مما يقتضي إنفاذ قول المستناب على غيره ؛ كالإمارة وقيادة الجيش والوزارة والدواوين المالية والشرطة والحسبة, فالوزير مستناب ممن له الولاية العامة بحكم ولايته مع اقتضاء هذه الإستنابة نفوذ قول الوزير على غيره ممن هو من تحت ولايته .

ولذلك فإذا صح أن تكون المرأة وزيرة نفذ قولها على من تحتها رجالاً ونساء , بل على طوائف الرعية رجالاً ونساءً ؛ ولو لم يكونوا تحتها مباشرة , وهو ما يجعل الأمة داخلة في عموم الحديث الصحيح : ((لا يفلحُ قومٌ وَلَّوْ أمرهُم امرأة )) , وعضوية مجلس الشورى في حقيقتها أهم من الوزارة , ذلك أنه وحسب الأعراف الدستورية فإن من أهم مهام المجلس محاسبة الوزير ومناقشة ومراجعة تصرفاته خلال السنة, بل قد ترتقي هذه المهام إلى إعطاء المجلس أحقية حجب الثقة عن الحكومة في بعض الدساتير.

ولاشك أن عضو مجلس الشورى في بلدنا هو من أهل الحل والعقد, ومعلوم ما لمنزلة أهل الحل والعقد في الشريعة من الاعتبار, حيث إن لهم الحق في عقد البيعة وحلها عند ثبوت ما يستوجب ذلك .

وبناءً على ذلك فإن المجلس هو من الولايات العامة التي لا شأن للنساء فيها بحال من الأحوال في الشريعة الإسلامية .

وأما استدلال بعضهم بحديث أم سلمه في قصة الحديبية فهو من أضعف الاستدلالات ؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعين أم سلمه في مجلس أهل الحل والعقد وإنما أخذ بنصيحتها ومشورتها, وهذا خارج محل النزاع. حيث إن النصيحة واجب على كل مسلم ذكر كان أو أنثى لعامة المسلمين وخاصتهم , والمرأة يمكن لها أن تشير وأن تنصح لولي الأمر ولغيره وفق الضوابط الشرعية لكن لا يصح أن تكون عضوة في المجلس الذي من مهامه محاسبة الوزراء وإقرار التنظيمات التي يعمل به المسلمون .

وأما قول بعضهم : إن المرأة في هذا العصر قد بلغت من العلم والثقافة والكمال مالم تبلغه في العصور السابقة , فلا تقاس المرأة الآن بالمرأة في العصور السابقة فهذا من الجهل المركب الذي بُلينا به , والمرأة مهما بلغت ما بلغت فإنها لن تصل إلى درجة خديجة بنت خويلد أو فاطمة بنت محمد أو عائشة بنت الصديق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن : (( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد , وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )) رواه ابن رزين في مجموع الصحاح وأصله في الصحيحين , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فاطمة بضعتٌ مني)) أخرجه البخاري , وأما الصديقة فلم تكن مع المسلمين في السقيفة , وهي التي مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها , ولم يسمها عمر ضمن الستة ولم تشهدهم , وما كان يسعها إلا ما وسع نساء ورجال الصحابة رضي الله عنهم؛ وهم الذين كانوا يرجعون إليها في مسائل الفقه والدين .

وختاماً نؤكد أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان بحيث يجب فيه بذل النصيحة لمن ولاهم الله تعالى الأمر, والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل , والله أسأل أن يلهمنا وولاة أمورنا الرشد والسداد إنه على كل شيء قدير .

× whatsapp