Skip to main content

نحن والهيئة

لا يخفى على الجميع ما تتعرض له هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من هجمة يتواطئ عليها بعض كتاب الصحف مع بعض كتاب المنتديات وأصحاب الرأي بل وبعض من يمكن أن ينسبون إلى الإسلام الليبرالي …
ولا أنكر أن جهاز الهيئة ـ كغيره من الأجهزة ـ فيه خلل وخطأ ، وهذا الخطأ ناتج عن عدة أمور منها : ضعف الدعم الحكومي للجهاز ـ حتى الآن الهيئة لم يرخص لها باتصالات لا سلكية ـ والحماس غير المنضبط عند بعض العاملين في الهيئة ، وعدم وضوح المنهج الشرعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدولة المعاصرة ، حيث يصر الكثير على عدم جواز أدنى تتبع للمنكرات العامة والمتعدية وتركها ما دامت مستخفية !!!
وليس المجال الكلام عن هذه الأسباب وإن كان كل واحد منها يحتاج إلى حديث مستقل …
إلا أني هنا أحب أن أطرح تساؤلين اثنين ، وهما لماذا يكثر أعداء الهيئة ؟ ولماذا يوجد في الطيبين من يعارض بعض نشاطات الهيئة ؟
أما السؤال الأول فالجواب عليه ليس فقط لكثرة من يحب أن يتعاطى المنكرات بأريحية أكثر ولا لأن كثيراً من المتحدثين عن الهيئة تعرضوا لخلاف ما معها ولكن لأن الهيئة بطبيعة عملها تشكل مضايقة حتى لمن ليس لديه نية سوء ، فهذا شاب حديث عهد بعرس يريد أن يذهب مع عرسه إلى الشاطئ مثلاً أو السوق ، وهو في كل تنقلاته معها تفوح منه رائحة العواطف المباحة الشرعية لزوجته ـ إلا أن مكانها ليس السوق ولا الشاطئ ـ فيصدر منه ما يمكن أن يوصف بالإخلال بالذوق العام ، والمسؤول عن حماية هذا الذوق العام هي الهيئة فيحس بأن هذا الجهاز هو الذي حرمه مثل هذه السعادة .
نعم ـ أيها القارئ ـ إن الكثير رغم شرفهم وصلاحهم يتضايقون من مراعاة الذوق العام أحياناً ، ولكن الخطأ هنا تحميل الهيئة مسؤلية صناعة هذا الذوق العام ، وفي الحقيقة أنها طبقت حق هذا الذوق ولم تصنعه …
لندع السنين تمر ، ويولد لهذا العروس من عروسه تلك بنت ، وتبلغ سن السابعة فيخرج بأسرته إلى الشاطئ أو السوق ليجد شاباً مع عروسه يتمايلان كالثملان أو يتضاحكان أو يجد امرأة قد زادت في سفورها أليس سيسرع بالرجوع إلى بيته حتى لا تتعلم ابنته قلة الأدب ، ألن يسع هذا الرجل الأب بنفسه ليطلب من الهيئة حماية الذوق العام … أجزم أن كل هذا سيحصل .
وبكل حال فالهيئة تقيد حرية الجميع ؛ لكن حفاظاً على حقوق الجميع فالعاقل يتحمل أدنى المفسدتين لدفع أكبرهما ، ويضحي بأقل المصلحتين لجلب أكبرهما …
وأما الجواب على التساؤل الثاني وهو : لماذا يقع كثير من الطيبين في الهيئة ؟ فهو في الحقيقة مما يحير ، إلا أني أظن أن الجهل بأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه عمود الإسلام هو أول هذه الأسباب ، وثانيها : الهزيمة النفسية عند كثير من أهل الخير فيتنصل من كل ما ينسب للتدين من أمور قد يكون فيها شبهة عند الجهلة فيشن حملته على جمع التبرعات بحجة الإرهاب وعلى الأمر والنهي بحجة النصيحة والستر وعلى توزيع الأشرطة بحجة تنوع الأنشطة وعلى حضور المحاضرات والمشاركات الدعوية بحجة التنظيمات السرية وعلى الجهاد بحجة تحسين صورة الإسلام ، وهكذا في متسلسلة قد لا تنتهي إلا بالتخلي عن النهي عن الشرك بحجة التعايش مع الآخر ، وهو مزلق خطير نسأل الله العافية والسلامة .
وختاماً : فإنه وإن شردت الغنم وتفرقت لهجوم الذئاب عليها فإن من مسكت مكانها وسط القطيع أحرى بالسلامة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .

10/7/2007

× whatsapp