لم يستطع قلمي أن يكتب شيئاً فأعلن إفلاسه
قدوته في ذلك زعماء العرب الذين اكتفوا بتشكيل لجنة تقصي حقائق ..والحقيقة أنها لجنة الانتظار لما سوف يعمله الغرب حتى نصادق عليه .
وهي أيضاً خطة ذكية ، فحتى لا أتحمل المسؤولية وأدلي بتصريح أو اتخذ قراراً يخالف الأسياد ولكي لا أخسر الفتحوين أو الحماسيين من قرائي دعوني أشكل لجنة تقصي للحقائق مهمتها الوصول إلى بعض الوقفات التي نستفيدها من الأحداث ـ مع علمي بأن ما سأصل إليه لن يكون بحجم ما ستصل إليه اللجنة العربية ـ :
أولاً / الأحدث بالجملة تسجل شهادة لهذا الشعب المجاهد الصابر ، الشعب الفلسطيني المرابط الذي ذاق الحصار والاحتلال والتهجير ، ولم يقدم تنازلات تذكر لأعدائه فتحيتي الخاصة لهم أقول فيها :
إن فاخرت نجد بأبطالها %%%% أو كاثرت مصر بسكانها %%%% أو حدثت إب بأنسابها %%%% يكفي فلسطين أطفالها
إنه شعب الرجال ، العالم كله ضدهم ، تخلى عنهم الصديق ، وباعهم إلى عدوهم القريب وهم مع ذلك صامدون صابرون فالله أشهد إنكم أحب الناس إلي .
ثانياً / الأحداث أيضاً شهادة صادقة لحماس بأنها لم ولن تبيع قضيتها إلى الغرب الكافر مهما كلفها ذلك ، لم تتنازل عن الأقصى بل ولا عن أي شبر من أراضي فلسطين ، لم تتخل عن قضية اللاجئين لم تعترف بإسرائيل كحكومة شرعية ، ولو كان الحماسيون طلاب سلطة لوقعوا كما وقع غيرهم .
ثالثاً / نظرة تأمل في مشاركة الإسلاميين السلطات العلمانية في المشروع السياسي هل سيوصل إلى النتيجة المطلوبة أم أنه إشغال للجهات الدعوية النشيطة بالدعوات السياسية الفارغة ، وجرها أحياناً إلى معارك غير متكافئة ؛ كما حصل في الجزائر وكما يحصل الآن في فلسطين ، وعلى كل حال هي مسألة اجتهادية ، وعلى أهل العلم أن يجتهدوا في كل نازلة بعينها لكن ما حصل في فلسطين إشارة على الطريق .
رابعاً / الإفلاس العربي الكبير لكنه ـ للأسف ـ غير معلن ، وليت زعماءنا يعلنون ويشهرون إفلاس سياستهم فهو أبرأ لذمتهم وحتى لا تصاب الأمة في كل يوم بإحباط آخر .
خامساً / الأحداث تجربة فريدة بحاجة إلى الدراسة والتأمل في التعامل مع النفاق والمنافقين ، وأنا لا أوأيد حماس ولا أعارضها ـ وإن كنت لا ألومها فالصبر له حدود ـ لكن مثل هذا التعامل مع المنافقين من سلطة اكتسبت شرعيتها بالقانون يحتاج إلى دراسات متخصصة تسبر نتائجة على المدى القريب والبعيد ، فقد يردع الكثير من المنافقين عن التصريح بنفاقهم خوفاً من هذا المصير .
وختاماً فإن ما حصل ويحصل هو مأساة حقيقية ، ويجب على الأمة ألا تبقى صامته لحين قتل إخواننا بالجوع والضمأ من قبل اليهود ، وليعمل كل بحسبه ، ولا تنسوا إخوانكم من الدعاء فهو أعظم سلاح .