في عام 1428 صدر الأمر الملكي رقم م/18 المتضمن الموافقة على نظام التعاملات الإلكترونية، والذي يهدف إلى إرساء قواعد نظامية موحدة لاستخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية وتعزيز الثقة في استخدامها في القطاعين الخاص والعام، ومنع إساءة استخدام هذه التقنيات، واستثنى هذا النظام المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية وإصدار الصكوك المتعلقة بالتصرفات الواردة على العقار كبيع العقار وهبته ما لم يصدر عن الجهة المسؤولة عن هذه التصرفات ما يسمح بإجرائها إلكترونياً .
ويجب قبل الشروع في الخوض في تفصيلات هذا النظام التفريق بين التعامل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني؛ حيث عرف النظام التعامل الإلكتروني بأنه أي تبادل أو تراسل أو تعاقد أو أي إجراء آخر يبرم أو ينفذ بشكل كلي أو جزئي بوسيلة الكترونية، وهذا التعريف يشمل ما كان القبول والإيجاب الذي هو ركن العقد شرعاً وقانوناً قد أُدي بوسيلة الكترونية وما كان أقل من ذلك من توابع التعاقد كتبليغ العميل بوصول البضاعة أو عيوبها أو مراسلته لطلب التأجيل أو تأكيد الاستلام أو نفيه؛ كل ذلك يدخل في هذا المعنى الشامل للتعامل الالكتروني، وأما التوقيع الالكتروني فقد عرفه النظام بأنه بيانات الكترونية، مدرجة في تعامل الكتروني في شكل نصوص أو رموز أو صور أو رسوم أو أصوات أو غير ذلك، وبناء على ذلك فإن التعامل الإلكتروني له بُعد تبادلي بين طرفين، وأما التوقيع الإلكتروني فهو بينات الهدف منها إثبات الهوية للمرسل بطريقة الكترونية .
وتعتبر المادة الخامسة من النظام المشار إليه هي أساس هذا النظام حيث أثبتت الحجة للتعاملات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني، ومنعت إبطال حجيتها لكونها تمت كلياً أو جزئياً بشكل الكتروني، كما اعتبرت المادة إمكانية الاطلاع على هذه البيانات ضمن البيانات الخاصة بمنشئها كافية في صحة الاحتجاج بها، وعلى هذا تكفي إمكانية اطلاع المرسل إليه البريد الإلكتروني على الرسالة بعد إرسالها في إثبات حجيتها متى ما كان الاتفاق الصريح أو الضمني بين الطرفين يقضي باعتبار التواصل الإلكتروني وسيلة للتعاقد أو للمراسلة بين طرفي العقد ، فلا يقبل من المرسل إليه الاحتجاج بعدم فتح الرسالة الواردة إلى بريده الإلكتروني.
وكما جعلت المادة التاسعة من النظام التعامل الإلكتروني المستوفي للشروط المنصوص عليها دليلا في الإثبات؛ فقد أجازت اعتبار التعامل الإلكتروني غير المستوفي للشروط، قرينة في الإثبات كذلك، وهذا يفتح المجال واسعا للاحتجاج بالتعامل الإلكتروني عند عدم اكتمال الشروط، واعتبرت المادة نفسها أن الأصل قبول السجل الإلكتروني كما هو مع مراعاة ما قد يطرأ عليه من تعديل – في حال تم الدفع بذلك – وهو ما يوجب إخضاع السجلات الإلكترونية للفحص التقني عند الدفع بالتزوير فيها إن لزم الأمر .
ووسعت المادة العاشرة نطاق التعامل الإلكتروني ليشمل التعاقد بجميع أجزاءه بما في ذلك ركن العقد الأساسي وهو القبول والإيجاب باستثناء ماذكرنا سابقا (الأحوال الشخصية والعقار) وذلك بشرط خضوعه لأحكام هذا النظام، ووسعت المادة الثانية عشر الإلزام بالسجل الإلكتروني سواء أرسله المنشئ بنفسه أو أرسله شخص آخر نيابة عنه أو أرسل بواسطة برنامج آلي، والمقصود بإرسال شخص آخر نيابةً عنه: ما دام صادراً باسم المنشئ وفقا لأحكام النظام حسب الاتفاق بين طرفي العقد فيدخل فيه لو أرسل البيانات أحد موظفي المنشئ من الإيميل المعتمد بين الطرفين عند التعاقد فلا يسع الطرف الآخر أن يحتج بعدم الصفة في المرسل في اتخاذ هذا الإجراء .
وبالتأمل للنظام يمكن الوصول إلى أنه يشترط للإلزام بالتعامل الإلكتروني ما يلي :
1- أن يكون موضوع التعامل مما يجيز النظام التعامل الإلكتروني فيه وفقا للمادة الثانية من النظام .
2- اتفاق الطرفين على اعتماد التعامل الإلكتروني صراحة فيما بينهما ، وذلك بوضع عنوان المراسلة الإلكترونية ضمن عناوين العقد والنص على اعتمادها، ويقوم مقام الاتفاق الصريح الاتفاق الضمني كأن يصدر أمر الشراء الكترونياً ثم تصدر الفاتورة على أساسه الكترونياً ويعقب ذلك سداد جزء من المبلغ وتسليم للمثمن وهذا يتضمن إقرار التعامل الإلكتروني بين الطرفين .
3- أن يكون لمنشئ التعامل الإلكتروني صفة تمكنه من التصرف، والمراد بالمنشئ الشخص المرسل للتعامل الإلكتروني، والمعتبر تحديد صفته الأصلية فلو أرسل التعامل الإلكتروني غيره باسمه لزمه وإذا ثبت أن هناك من تجاوز الصلاحية وأرسل باسم المنشئ من إيميله المعتمد في التعاقد أو استعمل توقيعه الإلكتروني فيرجع المنشئ عليه ولا ينقض التعامل لأجل هذا حماية للتعاملات الإلكترونية من أن تفقد مصداقيتها .
4- أن يكون السجل الإلكتروني المتضمن للتعامل قابلا للحفظ والتحقق من مصداقيته وصحة نسبته للمنشئ ووقت وتاريخ الإنشاء وذلك كالإيميل، ويخرج بهذا الواتس آب في نظري لكونه ممكن التزوير ويتعذر التحقق منه بشكل يغلب على الظن صحة نسبته لمصدره .
5- أن يكون السجل الإلكتروني قابلا للعرض والاستعادة متى طلب ذلك، وهذا يخرج الرسائل التي تعرض لمرة واحدة ثم تختفي ويغلب على الظن فقدانها، ولا يتم حفظها بشكل قابل للاسترجاع؛ فهذه الرسائل لا تعتبر حجة في التعامل الإلكتروني بخلاف الرسائل التي لا تختفي إلا بأمر المستلم بمسحه لها من سجلاته.
والذي نوصي به عملاءنا أن يتأكدوا قبل اعتماد التعامل الإلكتروني صراحة أو ضمنا من وجود الحد الأدنى من التنظيم والدقة لدى منشآتهم الذي تحفظ به مصالحهم ؛ حيث لا يقبل من المتعاقد دعوى أنه لم يشعر بالمراسلة أو أنه أرسل الرد لكن حصل خطأ في طريقة الإرسال، أو أن غير ذي صفة هو الذي أنشئ الرسالة فكل ذلك لا يقبل من المتعاقد إذا أقر باعتماد التعامل الإلكتروني في تعاقده مع الآخر .
كما نؤكد لعملائنا أن هذا النظام يختص بالتعاملات التي تتم داخل المملكة ويتم التحاكم فيها إلى أنظمة المملكة، أما التعاملات الأجنبية أو التي تحكمها قوانين أجنبية فقد تختلف عن ما ذكر في هذا النظام؛ فينبغي عند التعاقد مع العميل الأجنبي أو إذا كان الاتفاق محكوماً بقوانين أجنبية تفصيل أحكام التعاقد بشكل لا يكون فيه الاختلاف في القوانين سببا لضياع الحقوق .