كان لي صديق
كان لي صديق
قبل سنيات تعرفت على صديق
وجدت فيه ما كنت افتقده
كان يسمعني وبنصت
وكنت أسمعه وأنصت
كان يفهمني وكنت أفهمه
كنت أخبره بكل شيء ، الأحداث والأفكار والأحاسيس والمشاعر ، وكان يخبرني هو أيضاً بكل شيء وبصراحة…
نعم لقد ضعفت الحدود فيما بيننا إلى أقل حد يمكن تصوره بين صديقين ..
لو أعطيت دفترا لأكتب فيه صفات الصديق الذي أحتاجه لكتبه اسمه في كل صفحة من صفحات الكتاب ..
أبرز ما فيَّ وفي صديقي أننا كنا نفكر لبعضنا ونعيش لبعضنا ونحب لبعضنا …
نعم كان صاحبي يفكر لي لا لنفسه ، وكنت أفكر له لا لنفسي ..
وكان صاحبي يعيش لي لا لنفسه ، وكنت أعيش له لا لنفسي ..
ولقد كان صاحبي يحب ما أحبه بصدق لأني أحبه ، وكنت أحب ما يحب بصدق لأنه يحبه
لقد كنت وصاحبي مضرب المثل في الصداقة بين كافة الزملاء ، بل لقد حسدنا الكثير ، فضاق محبونا ذرعاً بصداقتنا ولم تجد تلك العلاقة الصافية في قلوبهم مكانا ، فصاروا ينتقدونها ، ويصفونها بعدم الانضباط وبالمبالغة وتجاوز الحدود بل ربما زعموا انشغالنا بالصداقة عن معالي الأمور
تذوقت مع صاحبي متعة الصداقة ، متعة أن تجد روحاً تحدثها بهمك بدون أن تضع المكياج على ذلك الهم لتستر عيوبه ، ويالها من متعة أن تحدث صديقك بصراحة هي أكبر من الصراحة التي تحدث بها نفسك …
لكن ، لا تدوم الحال ،
صدقي وصدق صاحبي جعل من كل واحد منا مرآة تنكشف عليها مثالب الآخر بوضوح …
الصراحة التي عشتها مع صديقي جعلت نقاط الخلاف تكثر وتزداد اتساعاً …
كذلك التضحيات التي يبذلها أحدنا لصاحبة كانت تقع في دائرة الحساب وتدخل في معادلة : لك وعليك ..
كل هذا اضطرني حفاظاً على صديقي الذي لا أريد أن افرط في صداقته إلى أن أغير منهجي مع صديقي ..
نعم ابتدأت بوضع المكياج أمام صديقي ، فصرت أكتم حزني في نفسي لا أبيحه له وبالتالي ولا لأحد آخر
وسمحت لصديقي بأن يضع المكياج أمامي ، بل شجعته على ذلك عن طريق الحديث عن الخصوصية الشخصية …
حاولت أن اتحدث مع صديقي بشكل مقتضب أمام كل قضية أظن أننا سنختلف فيها ، وأن احتفظ برأيي لنفسي في كثير من القضايا التي أعلم أننا لن نتفق فيها ، وبهذا ونحوه نجحت في أن اختصر الجدل الكثير بيننا ، وكسبت علاقتنا مزيداً من المرونة والهدوء ، ولكنني في الحقيقة خسرت نفسي وخسرت صديقي
أجلس حزيناً مكتئباً ، ويزيد حزني وكآبتي قراري أن هذا الموضوع أو ذاك محجوب لا يمكن أن أعرضه على صديقي
أنظر إلى سماعة الهاتف ، هل أهاتفه ؟ ولو فعلت فهل سيتفاعل ؟ ولو تفاعل هل سيوافقني أو يخالفني ؟ وهل سيستغل اتصالي هذا لتسجيل نقطة ما في رصيدة ….
لقد سئمت من هذا الأسلوب ، وما عدت احتمل مزيداً من الوحدة …..
إني أقولها بكل وضوح أريدك يا صديقي …. أريدك ياصديقي
عد لي كما كنت … ولأعد لك أنا أيضا كما كنت ….
ولا خير في الدنيا إذا لم يكن بها %%%%% صديق صدوق صادق الوعد منصف