لكل خلق من الْفضل رَقِيب
الْإِنْسَان مطبوع على أَخْلَاق قل مَا حمد جَمِيعهَا أَو ذمّ سائرها، وَإِنَّمَا الْغَالِب أَن بَعْضهَا مَحْمُود وَبَعضهَا مَذْمُوم لاخْتِلَاف مَا امتزج من غرائزه ومضادة مَا تنافر من نحائزه، فَتعذر لهَذَا التَّعْلِيل أَن يستكمل فَضَائِل الْأَخْلَاق طبعا وغريزة وَلزِمَ لأَجله أَن تتخللها رذائل الْأَخْلَاق طبعا وغريزة فَصَارَت الْأَخْلَاق غير منفكة فِي جبلة الطَّبْع وغريزة الْفطْرَة من فَضَائِل محمودة ورذائل مذمومة كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
( وَمَا هَذِه الْأَخْلَاق إِلَّا طبائع … فمنهن مَحْمُود وَمِنْهَا مذمم ) -من الطَّوِيل-
قَالَ بعض الْحُكَمَاء: ” لكل خلق من الْفضل رَقِيب من الدناءة لَا يمْتَنع مِنْهُ إِلَّا مُؤثر للفضل على مَا سواهُ ” تسهيل النظر وتعجيل الظفر ص: 6
والفضائل توَسط مَحْمُود بَين رذيلتين مذمومتين من نُقْصَان يكون تقصيرا أَو زِيَادَة تكون سَرفًا فَيكون فَسَاد كل فَضِيلَة من طرفيها:
فالعقل وَاسِطَة بَين الدهاء والغباء .
وَالْحكمَة وَاسِطَة بَين الشَّرّ والجهالة .
والسخاء وَاسِطَة بَين التقتير والتبذير .
والشجاعة وَاسِطَة بَين الْجُبْن والتهور .
وَالْحيَاء وَاسِطَة بَين القحة والحصر .
وَالْوَقار وَاسِطَة بَين الهزء والسخافة .
والسكينة وَاسِطَة بَين السخط وَضعف الْغَضَب .
والحلم وَاسِطَة بَين إفراط الْغَضَب ومهانة النَّفس .
والعفة وَاسِطَة بَين الشره وَضعف الشَّهْوَة.
والغيرة وَاسِطَة بَين الْحَسَد وَسُوء الْعَادة.
تسهيل النظر بتعجيل الظفر ص: 17