العقيدة والشريعة
الدين عقيدة وشريعة ومن مقتضيات العقيدة العمل بالشريعة، ويمكن أن يقال إن بداية الانحراف عند علماء النصارى كانت بقبول الفصل بين الشريعة والعقيدة
، فاحتكروا لأنفسهم تحديد العقيدة وحق الحكم علي من لا يوافقهم بالهرطقة، ووكلوا تنظيم الشرائع والقوانين إلي الأباطرة والقياصرة؛ ونتج عن ذلك التسلط علي الناس من الكنيسة بحجة مخالفة العقيدة، وتسلط الطبقة الحاكمة علي الناس باسم القوانين، ومازال الظلم للرعية من الجانبين يزيد حتى وقعت الثورة الحديثة في أوربا ضد الكنيسة وضد الملوك، فهل الثورات العربية تسير على نفس النسق لمحاربة التحالف بين علماء السوء والأنظمة الحاكمة .
إن فصل الشريعة عن العقيدة والاهتمام بالثانية دون الأولى من قبل العلماء يؤدي إلى التحول نحو الرهبانية وانحسار التدين في تزكية النفس والعبادات الخاصة دون تنظيم الحياة العامة للمكلفين، ويؤدي أيضا إلى نشوء الرضا بالواقع السيئ في الأمة إما طلبا للأجر بالصبر على المستبد، أو ظنا أن الدين يختص بعلاقة العبد بربه ؛ وهو ما يكرس المزيد من الانبطاح للظالم، إلا أنه ومع المزيد من الإيغال في هاتين النتيجتين يحدث الانفجار الذي هو عبارة عن ثورة ضد التسلط على الناس باسم الدين والاستبداد السياسي ، ومن طبيعة الانفجار أن نتائجه قد تكون مؤذية للجميع .
إن الأمل بالله تعالى وحده أن يحفظ الأمة من هذا الانفجار بأن يقيض لها من يجدد لها أمر دينها، ويأخذ الناس بمنهج متكامل إلى طريق النجاة الوسط على منهج السلف الصالح بلا إفراط ولا تفريط .