تلك غاية الجهاد وهذا مقصده : أن يكون الدين لله ، والمراد بأن يكون الدين لله أن تستسلم الأرض ومن عليها لله تعالى والدين أعم من العقيدة فالدين هو الطاعة والسلطان والعقيدة أخص وهي ما يعقد عليه المرأة قلبه ، فإذا كان ذلك لله لم يكن ثم حائل بين الناس وبين الدخول في هذا الدين إلا اختيارهم وهو مكفول لهم ( لا إكراه في الدين) فغاية الجهاد واضحة : أن يكون الدين لله . فهو إزالة الموانع التي يصنعها المستبدون بين الناس وبين دين الله . وهذه الموانع قد تكون سياسية كالأنظمة التي تقهر الناس على الكفر أو تمنعهم من الإسلام أو اقتصادية كالتي تحارب إخضاع الناس لنظام الإسلام المالي بحجة النظام العالمي والعولمة الاقتصادية ، أو إعلامية تحارب دين الله تشويها وفتنة للناس عنه ، أو اجتماعية بصناعة الطبقية التي تمنع من أراد الإسلام من الدخول فيه إلا بإذن السيد ( آمنتم له قبل أن آذن لكم ) .
إن غاية الجهاد أن يكون الدين كله لله أي أن يكون الإسلام هو النظام العالمي الذي يحكم الأرض ، ولو بقي الكفار دولا أو أفرادا على كفرهم بعد خضوعهم لما أراده الله من ظهور
هذا الدين على سائر الأديان فلا بأس لأنه لا إكراه في الدين.
وهذه الغاية العظيمة لن تتحقق كليا إلا في آخر الزمان لكن الأمة مطالبة بالسعي إليها وتحقيق ما تستطيعه منها في كل وقت ؛ فالجهاد ماض إلى يوم القيامة .
وهذا المطلب الذي يسعى إليه المسلمون بأمر ربهم ليس له أهداف اقتصادية أو استعمارية ، وإنما هدفه الأسمى تحرير الإنسان من عبادة الإنسان إلى عبادة رب الإنسان ، فهو التحقيق الكامل لحرية الإنسان ، بأن يتحرر حتى من هوى نفسه.
ونحن نرى اليوم السعار الغربي بفرض دين الثقافة الغربية على الأرض ، وإخضاع الناس لها تحت شعار النظام العالمي والإرادة الدولية ، وهو يفعلون ذلك لغرض استعماري مبطن ولا أدل عليه فزعهم من الديمقراطية التي اجتاحت بعض دول العالم العربي رغم موافقتها بالجملة لمبادئهم لما رأوا أنها دفعت بالصالحين المصلحين إلى القيادة في العالم العربي .
وهاهم يحاربون كل ناشئة تخالف دينهم وثقافتهم العوجاء عند المسلمين أو عند غيرهم ؛ واصفين لهم بأبشع الصفات ؛ محور الشر والقوى الظلامية والإرهابيين وغيرها من الصفات التي يحاولون من خلالها تبرير عدوانهم البشع على تلك البلاد ، وليس لهم هدف إلا إلزام الناس بدينهم القائم على هدم الدين بالعلمانية الصريحة ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون )