استقلال القضاء”1″
(استقلال القضاء في الأنظمة السعودية)
استقلال القضاء في السعودية منذ نشأتها كان ناشئا عن قوة شخصية في رئاسة القضاء، حيث جرت عادة الملوك السابقين أن يسندوا رئاسة القضاء إلى أحد العلماء الذين لهم ثقلهم في الدولة والمجتمع، وغالباً ما يتم تعينه بالتوافق مع السلطة الدينية، وقد بدا أن الأمر امتداد للاتفاق بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود رحمهما الله تعالى.
وقد أكسب ذلك القضاء استقلالا ناشئا عن قوة تلك الشخصية التي ترأس القضاء، وليس ناشئا عن النظام القضائي، حيث إن النظام ينص على أن رئيس القضاة يعين بأمر ملكي وأنه يعزل بأمر آخر، وليس لأي هيئة حق الاعتراض على ذلك، لكن مع أن للملك حق العزل إلا أنه جرت العادة أن الرئيس يبقى لحين الوفاة أو طلبه الإعفاء بنفسه للظروف الصحية غالباً، ومع التحديثات العدلية التي جاءت ضمن برنامج إصلاح القضاء فقد تم استبعاد الشخصيات المذكورة لغرض:
“الإصلاح” وتحويل القضاء إلى مؤسسة إلا أن الأنظمة التي صيغت لم تكن كافية في الحفاظ على استقلال القضاء فشهدنا تعديلات متسارعة في القيادات القضائية، وهي وإن كانت تصب لدى مؤيديها في مقتضيات المصلحة العامة إلا أنها تنافي المبدأ الأساس وهو استقلال القضاء، ولأجل أن يكون إصلاحنا للقضاء متفقاً مع الأصول الشرعية والمنطقية للإصلاح فإنه لا بد من تعديل الأنظمة لتضمن هذا الاستقلال من ناحيتين :
الأولى:/ من ناحية التعيين فلا يتم تعيين القيادات القضائية الخمسة إلا بناء على توصيتين من مجلس الشورى ومن هيئة كبار العلماء، والقيادات القضائية الخمسة هي: ( رئيس المجلس الأعلى للقضاء والأعضاء المتفرغون فيه ـ رئيس ديوان المظالم والأعضاء المتفرغون في مجلس القضاء الإداري ـ رئيس المحكمة العليا ـ رئيس المحكمة العليا الإدارية ـ رئيس هيئة التحقيق ولإدعاء العام ) .
الثانية:/ من ناحية العزل فلا يتم عزل أصحاب تلك المناصب إلا ببلوغ سن التقاعد وهو سن السبعين أو بحصول العجز عن ممارسة العمل بناء على قرارات المجالس القضائية .
وختاما فتلك هي بداية استقلال القضاء وأساسه، وثمت أمور أخرى نتحدث عنها لاحقا إن شاء الله، ولنثق بأن مصلحة استقلال القضاء تفوق بكثير المصالح التي نتوهمها في جعل الأمور كلها بأيدينا .
د.سليمان الخميس
الأربعاء 3/1/1435هـ